ولدت القديسة أفدوكيا فى بعلبك بالشام من أب أسمه يونان و أم أسمها حكيمة وكانت سامرية الجنس من عائلة متوسطة حسنة السمعة .
كان جمالها باهر ساحر تهتم كثيرا بالزينة الخارجية والتبرج وتركت لافكارها الشريره العنان ولم يردعها رادع ولم يزجرها زاجر وسرعان مادفعها تيار الفساد حتى سقطت سقوط مروع وتمرغت فى حمأة الدنس وتدرجت فى الشر حتى وصلت الى عمق الخطية أستمرت زمانا وهى لاتحس بخطيئطها وهكذا أوقعت فى شراكها كثيرا من الشباب وأسارتهم بسحر جمالها وأستمرت حياة اللهو والدنس وكانت كل يوم تسقط الكثيرين وتقذف بهم الى الهاوية .
لكن الله المتحنن الرحوم محب البشر الذى يعرف ضعف الطبيعة البشرية أشفق عليها و أنتشلها بقوته و أنقذها من مخالب العدو .
دبر لها طريق الخلاص بقديس من أهالى القدس يدعى جرمانوس الذى نزل ضيف لدى صديق له كان بيته ملاصقا لبيت أفدوكيا .
قام القديس حسب عادته فى منتصف الليل يصلى صلوات حارة من أعماق قلبه ثم بدأ بقرأءة الكتاب المقدس بصوت مرتفع حتى يبعد النوم عنه وكان موضوع تلاوته شدة العذاب الابدى والظلمة البرانية وصرير الاسنان ثم أخذ يقرأ فى كتاب روحى عن وصف مخيف لعذابات الاشرار فى قاع الجحيم حيث النار التى لا تطفأ والدود الذى لايموت وبالعذابات الابدية .
فكانت أفدوكيا تتجسس بأذنها على الحائط من النافذة كحب أستطلاع .
تنبهت أفدوكيا الى الورطة التى وقعت فيها والى سقطتها العظيمة فالكلمات التى سمعتها نفذت الى قلبها وهزت مشاعرها هزا عنيفا .
أحست بتعاستها وبالهوة السحيقة التى تردت فيها وشعرت بالخزى والعار الذى أصابها .
أخذت تتذكر خطاياها فى حسرة التى تمزق قلبها وكلما تأملت فى ماضيها الاثيم أمتلآ قلبها رعبا فكانت تبكى وتولول وفارقها النوم وتملكها الحزن على ما فرط منها .
فعزمت من كل قلبها أن تتوب توبة نقية ولا تعود للاثم مرة أخرى .
فأنتظرت بفارغ الصبر لطلوع الصباح و أشراق الشمس للتعرف على القديس الذى تأثرت بقرأءاته .
وذهبت الى المنزل المجاور لتقابله فسألته عن دينه وماذا كان يتلو فى سكون الليل لانها لم تسمع مثل هذا فى حياتها ولما سمعته أثر فيها .
فأخذ القديس يوضح لها من الكتاب المقدس كل الامور المختصة بيوم الدينونة ومراحم الله للخطاه التائبين .
فقالت له أنها سامرية وديانتها ديانه السامرة وأنها أرتكبت كل أثم فماذا على أن أفعل .
فقال لها أن يسوع المسيح لا يرفض قط تائبا أقبل اليه ورجع اليه نادما وأوصاها ان تذهب لكاهن المدينة ليعلمها ويعمدها فى الوقت المناسب .
ففتح الرب قلبها وذهبت الى الكاهن واعترفت له بدموع غزيرة فأمرها ان تترك كل شر وتلبس ثوب البر والعفاف وتصوم وتصلى مدة سبعة أيام على ان يعود اليها بعد أنقضاء المدة .
فبعد أنقضاء أسبوع عاد اليها لم يعرفها من شدة انسحاق قلبها وحزنها على خطاياها .
ولما أعتمدت وزعت كل ما كانت جمعته على الفقراء والمساكين .
وذهبت الى أحد بيوت العذارى حيث تنقلت من فضيلة الى أخرى حتى اتقنت الفضائل كلها وأقاموها مرشدة وسلكت طريق الكمال بأتم نشاط .
صارت خير قدوة بالعمل وليس بالكلام وازدادت فى الاتضاع والانسحاق .
اراد الشيطان ان يعيدها الى الشر فوسوس الى احد الشبان ان يدخل ويخطفها ليتزوج بها لكن الرب انتقم منه وضربه ضربة قاضيه فخر صريعا .
وشى بها بعض الاشرار عند الامير فأستحضرها امامه لانها مسيحية ليلحقوا بها الاذى .
ولما حضرت وجدت فى منزله نحيب وبكاء على ابنه فصلت من اجل الصبى فاقامه الله وأمن الامير بالسيد المسيح وقامت بأعمال كثيرة .
وبعد زمن ليس بقصير استشهدت فى ايام الامبراطور تراجان فى القرن الثانى فى الخامس من برمهات بركة صلواتها تكون معنا أمين .